فصل: قال نظام الدين النيسابوري:

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: الحاوي في تفسير القرآن الكريم



{وَقَالَ الذين كَفَرُواْ أَءِذَا كُنَّا تُرَابًا وَءَابَاؤُنَا أَءِنَّا لَمُخْرَجُونَ} كالبيان لعمههم والعامل في إذا ما دل عليه {أَءنَّا لَمُخْرَجُونَ}، وهو نخرج لا مخرجون لأن كلًا من الهمزة وإن واللام مانعة من عمله فيما قبلها، وتكرير الهمزة للمبالغة في الإِنكار، والمراد بالإِخراج الإِخراج من الأجداث أو من حال الفناء إلى الحياة، وقرأ نافع {إذا كنا} بهمزة واحدة مكسورة، وقرأ ابن عامر والكسائي {إننا لمخرجون} بنونين على الخبر.
{لَقَدْ وُعِدْنَا هذا نَحْنُ وَءَابَآؤُنَاَ مِن قَبْلُ} من قبل وعد محمد صلى الله عليه وسلم، وتقديم هذا على نحن لأن المقصود بالذكر هو البعث وحيث أخر فالمقصود به المبعوث. {إِنْ هذا إِلاَّ أساطير الأولين} التي هي كالأسمار.
{قُلْ سِيرُواْ فِي الأرض فَاْنظُرُواْ كَيْفَ كَانَ عاقبة المجرمين} تهديد لهم على التكذيب وتخويف بأن ينزل بهم مثل ما نزل بالمكذبين قبلهم، والتعبير عنهم ب {المجرمين} ليكون لطفًا بالمؤمنين في ترك الجرائم.
{وَلاَ تَحْزَنْ عَلَيْهِمْ} على تكذبيهم وإعراضهم. {وَلاَ تَكُن فِي ضَيْقٍ} في حرج صدر، وقرأ ابن كثير بكسر الضاد وهما لغتان، وقرىء ضيق أي أمر ضيق. {مّمَّا يَمْكُرُونَ} من مكرهم فإن الله يعصمك من الناس.
{وَيَقُولُونَ متى هذا الوعد} العذاب الموعود. {إِن كُنتُمْ صادقين}.
{قُلْ عسى أَن يَكُونَ رَدِفَ لَكُم} تبعكم ولحقكم، واللام مزيدة للتأكيد أو الفعل مضمن معنى فعل بتعدي باللام مثل دنا. وقرىء بالفتح وهو لغة فيه. {بَعْضُ الذي تَسْتَعْجِلُونَ} حلوله وهو عذاب يوم بدر، وعسى ولعل وسوف في مواعيد الملوك كالجزم بها وإنما يطلقونها إظهارًا لوقارهم وإشعارًا بأن الرمز منهم كالتصريح من غيرهم وعليه جرى وعد الله تعالى ووعيده.
{وَإِنَّ رَبَّكَ لَذُو فَضْلٍ عَلَى الناس} لتأخير عقوبتهم على المعاصي، والفضل والفاضلة الأفضال وجميعها فضول وفواضل. {ولكن أَكْثَرَهُمْ لاَ يَشْكُرُونَ} لا يعرفون حق النعمة فيه فلا يشكرونه بل يستعجلون بجهلهم وقوعه.
{وَإِنَّ رَبَّكَ لَيَعْلَمُ مَا تُكِنُّ صُدُورُهُمْ} ما تخفيه وقرىء بفتح التاء من كننت أي سترت. {وَمَا يُعْلِنُونَ} من عداوتك فيجازيهم عليه.
{وَمَا مِنْ غَائِبَةٍ فِي السماء والأرض} خافية فيهما، وهما من الصفات الغالبة والتاء فيهما للمبالغة كما في الراوية، أو اسمان لما يغيب ويخفى كالتاء في عافية وعاقبة. {إِلاَّ فِي كتاب مُّبِينٍ} بين أو {مُّبِينٌ} ما فيه لما يطالعه، والمراد اللوح أو القضاء على الاستعارة.
{إِنَّ هذا القرءان يَقُصُّ على بَنِي إسراءيل أَكْثَرَ الذي هُمْ فِيهِ يَخْتَلِفُونَ} كالتشبيه والتنزيه وأحوال الجنة والنار وعزير والمسيح.
{وَإِنَّهُ لَهُدًى وَرَحْمَةٌ لّلْمُؤمِنِينَ} فإنهم المنتفعون به.
{إِن رَبَّكَ يَقْضِي بَيْنَهُم} بين بني إسرائيل. {بِحُكْمِهِ} بما يحكم به وهو الحق، بحكمته ويدل عليه أنه قرئ بحكمه. {وَهُوَ العزيز} فلا يرد قضاؤه. {العليم} بحقيقة ما يقضى فيه، وحكمه.
{فَتَوَكَّلْ عَلَى الله} ولا تبال بمعاداتهم. {إِنَّكَ عَلَى الحق المبين} وصاحب الحق حقيق بالوثوق بحفظ الله ونصره.
{إِنَّكَ لاَ تُسْمِعُ الموتى} تعليل اخر للأمر بالتوكل من حيث إنه يقطع طعمه عن مشايعتهم ومعاضدتهم رأسًا، وإنما شبهوا بالموتى لعدم انتفاعهم باستماع ما يتلى عليهم كما شبهوا بالصم في قوله: {وَلاَ تُسْمِعُ الصم إِذَا وَلَّوْاْ مُدْبِرِينَ} فإن إسماعهم في هذه الحالة أبعد. وقرأ ابن كثير {وَلاَ يَسْمَعُ الصم}.
{وَمَا أَنتَ بِهَادِي العمي عَن ضلالتهم} حيث الهداية لا تحصل إلا بالبصر. وقرأ حمزة وحده {وما أنت تهدي العمي}. {إِن تُسْمِعُ} أي ما يجدي إسماعك. {إِلاَّ مَنْ يُؤْمِنُ بآياتنا} من هو في علم الله كذلك. {فَهُم مُّسْلِمُونَ} مخلصون من أسلم وجهه لله.
{وَإِذَا وَقَعَ القول عَلَيْهِم} إذا دنا وقوع معناه وهو ما وعدوا به من البعث والعذاب. {أَخْرَجْنَا لَهُمْ دَابَّةً مِّنَ الأرض} وهي الجساسة روي أن طولها ستون ذراعًا ولها أربع قوائم وزغب وريش وجناحان، لا يفوتها هارب ولا يدركها طالب. وروي أنه عليه الصلاة والسلام سئل من أين مخرجها فقال: «من أعظم المساجد حرمة على الله، يعني المسجد الحرام». {تُكَلِّمُهُمْ} من الكلام، وقيل من الكلم إذ قرئ: {تُكَلّمُهُمْ}. وروي أنها تخرج ومعها عصا موسى وخاتم سليمان عليهما الصلاة والسلام، فتنكت بالعصا في مسجد المؤمن نكتة بيضاء فيبيض وجهه، وبالخاتم في أنف الكافر نكتة سوداء فيسود وجهه. {أَنَّ النَّاسَ كَانُواْ بِئَايَاتِنَا} خروجها وسائر أحوالها فإنها من آيات الله تعالى. وقيل القرآن، وقرأ الكوفيون أن الناس بالفتح. {لاَ يُوقِنُونَ} لا يتيقنون، وهو حكاية معنى قولها أو حكايتها لقول الله عز وجل أو علة خروجها، أو تكلمها على حذف الجار.
{وَيَوْمَ نَحْشُرُ مِن كُلّ أُمَّةٍ فَوْجًا} يعني يوم القيامة. {مّمَّن يُكَذّبُ بآياتنا} بيان للفوج أي فوجًا مكذبين، و{مِنْ} الأولى للتبعيض لأن أمة كل نبي وأهل كل قرن شامل للمصدقين والمكذبين. {فَهُمْ يُوزَعُونَ} يحبس أولهم على آخرهم ليتلاحقوا، وهو عبارة عن كثرة عددهم وتباعد أطرافهم.
{حتى إِذَا جَاءوا} إلى المحشر. {قَالَ أَكَذَّبْتُم بئاياتي وَلَمْ تُحِيطُواْ بِهَا عِلْمًا} الواو للحال أي أكذبتم بها بادىء الرأي غير ناظرين فيها نظرًا يحيط علمكم بكنهها وأنها حقيقة بالتصديق أو التكذيب، أو للعطف أي أجمعتم بين التكذيب بها وعدم إلقاء الأذهان لتحققها. {أَمَّا ذَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ} أم أي شيء كنتم تعملونه بعد ذلك، وهو للتبكيت إذ لم يفعلوا غير التكذيب من الجهل فلا يقدرون أن يقولوا فعلنا غير ذلك.
{وَوَقَعَ القول عَلَيْهِم} حل بهم العذاب الموعود وهو كبهم في النار بعد ذلك. {بِمَا ظَلَمُواْ} بسبب ظلمهم وهو التكذيب بآيات الله. {فَهُمْ لاَ يَنطِقُونَ} باعتذار لشغلهم بالعذاب.
{أَلَمْ يَرَوْاْ} ليتحقق لهم التوحيد ويرشدهم إلى تجويز الحشر وبعثة الرسل، لأن تعاقب النور والظلمة على وجه مخصوص غير متعين بذاته لا يكون إلا بقدرة قاهر، وأن من قدر على إبدال الظلمة بالنور في مادة واحدة قدر على إبدال الموت بالحياة في مواد الأبدان، وأن من جعل النهار ليبصروا فيه سببًا من أسباب معاشهم لعله لا يخل بما هو مناط جميع مصالحهم في معاشهم ومعادهم. {أَلَمْ يَرَوْاْ أَنَّا جَعَلْنَا اليل لِيَسْكُنُواْ فِيهِ} بالنوم والقرار. {والنهار مُبْصِرًا} فإن أصله ليبصروا فيه فبولغ فيه بجعل الإِبصار حالًا من أحواله المجعول عليها بحيث لا ينفك عنها. {إِنَّ فِي ذلك لآيات لِّقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ} لدلالتها على الأمور الثلاثة.
{وَيَوْمَ يُنفَخُ فِي الصور} في الصور أو القرن، وقيل إنه تمثيل لانبعاث الموتى بانبعاث الجيش إذا نفخ في البوق. {فَفَزِعَ مَن فِي السموات وَمَن فِي الأرض} من الهول وعبر عنه بالماضي لتحقق وقوعه. {إِلاَّ مَن شَاء الله} أن لا يفزع بأن يثبت قلبه. قيل هم جبريل وميكائيل وإسرافيل وعزرائيل. وقيل الحور والخزنة وحملة العرش، وقيل الشهداء، وقيل موسى عليه الصلاة والسلام لأنه صعق مرة ولعل المراد ما يعم ذلك. {وَكُلٌّ أَتَوْهُ} حاضرون الموقف بعد النفخة الثانية، أو راجعون إلى أمره وقرأ حمزة وحفص {أَتَوْهُ} على الفعل، وقرىء {أتاه} على التوحيد للفظ الكل. {داخرين} صاغرين وقرىء {دخرين}.
{وَتَرَى الجبال تَحْسَبُهَا جَامِدَةً} ثابتة في مكانها. {وَهِيَ تَمُرُّ مَرَّ السحاب} في السرعة، وذلك لأن الأجرام الكبار إذا تحركت في سمت واحد لا تكاد تبين حركتها. {صُنْعَ الله} مصدر مؤكد لنفسه وهو لمضمون الجملة المتقدمة كقوله: {وَعَدَ الله} {الذي أَتْقَنَ كُلَّ شَيْءٍ} أحكم خلقه وسواه على ما ينبغي. {إِنَّهُ خَبِيرٌ بِمَا تَفْعَلُونَ} عالم بظواهر الأفعال وبواطنها فيجازيكم عليها كما قال: {مَن جَاء بالحسنة فَلَهُ خَيْرٌ مّنْهَا} إذ ثبت له الشريف بالخسيس والباقي بالفاني وسبعمائة بواحدة، وقيل {خَيْرٌ مّنْهَا} أي خير حاصل من جهتها وهو الجنة، وقرأ ابن كثير وأبو عمر وهشام {خَبِيرٌ بِمَا يَفْعَلُونَ} بالياء والباقون بالتاء. {وَهُمْ مّن فَزَعٍ يَوْمَئِذٍ ءَامِنُونَ} يعني به خوف عذاب يوم القيامة، وبالأول ما يلحق الإِنسان من التهيب لما يرى من الأهوال والعظائم لذلك يعم الكافر والمؤمن، وقرأ الكوفيون بالتنوين لأن المراد فزع واحد من أفزاع ذلك اليوم، وآمن يتعدى بالجار وبنفسه كقوله: {أَفَأَمِنُواْ مَكْرَ الله} وقرأ الكوفيون ونافع {يَوْمَئِذٍ} بفتح الميم والباقون بكسرها.
{وَمَن جَاء بالسيئة} قيل بالشرك. {فَكُبَّتْ وُجُوهُهُمْ فِي النار} فكبوا فيها على وجوههم، ويجوز أن يراد بالوجوه أنفسهم كما أريدت بالأيدي في قوله تعالى: {وَلاَ تُلْقُواْ بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التهلكة} {هَلْ تُجْزَوْنَ إِلاَّ مَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ} على الالتفات أو بإضمار القول أي قيل لهم ذلك.
{إِنَّمَا أُمِرْتُ أَنْ أَعْبُدَ رَبَّ هَذِهِ البلدة الذي حَرَّمَهَا} أمر الرسول صلى الله عليه وسلم بأن يقول لهم ذلك بعدما بين المبدأ والمعاد وشرح أحوال القيامة، إشعارًا بأنه قد أتم الدعوة وقد كملت وما عليه بعد إلا الاشتغال بشأنه والاستغراق في عبادة ربه، وتخصيص مكة بهذه الإِضافة تشريف لها وتعظيم لشأنها وقرىء {التي حرمها}. {وَلَهُ كُلُّ شَيءٍ} خلقًا وملكًا. {وَأُمِرْتُ أَنْ أَكُونَ مِنَ المسلمين} المنقادين أو الثابتين على ملة الإِسلام.
{وَأَنْ أَتْلُوَ القرءان} وأن أواظب على تلاوته لتنكشف لي حقائقه في تلاوته شيئًا فشيئًا، أو اتباعه وقرىء {واتل عليهم} {وأن أتل}. {فَمَنُ اهتدى} باتباعه إياي في ذلك، {فَإِنَّمَا يَهْتَدِي لِنَفْسِهِ} فإن منافعه عائدة إليه.
{وَمَن ضَلَّ} بمخالفتي. {فَقُلْ إِنَّمَا أَنَاْ مِنَ المنذرين} فلا علي من وبال ضلاله شيء إذ ما على الرسول إلا البلاغ وقد بلغت.
{وَقُلِ الحمد لِلَّهِ} على نعمة النبوة أو على ما علمني ووفقني للعمل به. {سَيُرِيكُمْ ءاياته} القاهرة في الدنيا كوقعة بدر وخروج دابة الأرض، أو في الآخرة. {فَتَعْرِفُونَهَا} أنها آيات الله ولكن حين لا تنفعكم المعرفة. {وَمَا رَبُّكَ بغافل عَمَّا تَعْمَلُونَ} فلا تحسبوا أن تأخير عذابكم لغفلته عن أعمالكم، وقرأ ابن كثير وأبو عمرو وحمزة والكسائي بالياء.
عن النبي صلى الله عليه وسلم: «من قرأ سورة طس كان له من الأجر عشر حسنات بعدد من صدق سليمان وكذب به وهودًا وصالحًا وإبراهيم وشعيبًا، ويخرج من قبره وهو ينادي لا إله إلا الله». اهـ.

.قال نظام الدين النيسابوري:

{وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا أَإِذَا كُنَّا تُرَابًا وَآبَاؤُنَا أَئِنَّا لَمُخْرَجُونَ (67)}.
التفسير: لما ذكر أن المشركين في شك من أمر البعث عمون عن النظر في دلائله أراد أن يبين عامة شبهتهم وهي مجرد استبعاد إحياء الأموات بعد صيرورتهم ترابًا عند الحس. قال النحويون: العامل في إذا ما دل عليه {أئنا لمخرجون} وهو نخرج والمراد الإخراج من الأرض أو من حال الفناء إلى حال الحياة.
وإنما ذهبوا إلى هذا التكلف بناء على أن ما بعد همزة الاستفهام وكذا ما بعد أن واللام لا يعمل فيما قبلها لأن هذه الأشياء تقتضي صدر الكلام، وتكرير حرف الاستفهام في إذا وأن جميعًا إنكار على إنكار. والضمير في أنا لهم ولآبائهم جميعًا وقد مر في سورة المؤمنين تفسير قوله: {لقد وعدنا} وبيان المتشابه فليدّكر. ثم أوعدهم على عدم قبول قول الأنبياء بالنظر في حال الأمم السالفة المكذبة. ولم تؤنث كان لأن تأنيث العاقبة غير حقيقي، أو لأن المراد كيف كان عاقبة أمرهم. والمراد بالمجرمين الكافرون لأن الكفر جرم مخصوص وفيه تنبيه على قبح موقع الجرم ايامًا كان؛ فعلى المؤمن أن يتخوّف عاقبتها ويترك الجرائم كلها كيلا يشارك الكفرة في هذا الاسم الشنيع. ومعنى قوله: {ولا تحزن عليهم} الآية. قد مر في آخر النحل. وفي هذه الآي تسلية لرسول الله صلى الله عليه وسلم على ما كان يناله من قومه. ثم إنهم استعجلوا العذاب الموعود على سبيل السخرية فأمره أن يقول لهم {عسى أن يكون} وهذه على قاعدة وعد الملوك ووعيدهم يعنون بذلك القطع بوقوع ذلك الأمر مع إظهار الوقار والوثوق بما يتكلمون. وإن كان على سبيل الرجاء والطمع ولمثل هذا قال: {ردف لكم بعض الذي} دون أن يقول ردف لكم الذي. واللام زائدة للتأكيد كالباء في {ولا تلقوا بأيديكم} [البقرة: 195] أو أريد أزف لكم ودنا لكم يتضمن فعل يتعدى بالام ومعناه تبعكم ولحقكم. وقال بعضهم: المقتضي للعذاب والمؤثر فيه حاصل في الدنيا إلا أن الشعور به غير حاصل كما للسكران أو النائم، فتمام العذاب إنما يحصل بعد الموت وإن كان طرف منه حاصلًا في الدنيا فلهذا ذكر البعض. ثم ذكر أنه متفضل عليهم بتأخير العقوبة في الدنيا ولكنهم لا يشكرون هذه النعمة فيتسعجلون وقوع العقاب بجهلهم، وفيه دليل على أن نعمة الله تعم الكافر والمؤمن. ثم بين أنه مطلع على ما في صدورهم مما يخفون كالقصود والدواعي وعلى ما يظهرون من أفعال الجوارح وغيرها، ولعل الغرض أنه يعلم مايخفون وما يعلنون من عداوة رسول الله صلى الله عليه وسلم ومكايدهم وهو معاقبهم على ذلك. ثم أكد ذلك بأن المغيبات كلها ثابتة في اللوح المحفوظ، والعاقبة إما مصدر كالعافية، وإما اسم غير صفة كالذبيحة والربيئة، وإما صفة والتاء للمبالغة كالرواية في قولهم ويل للشاعر من راوية السوء كأنه قيل: وما من شيء شديد الغيبوبة إلا وهو مثبت في الكتاب الظاهر المبين لمن ينظر فيه من الملائكة.